الخمر
عن عَلقَمة بن وائل عن أبيه وائل الحضرمي ، أن طارق بن سُويد الجُعفي سأل
النبي صلى الله عليه و سلم عن الخمر ؟ فنهاه أو كره أن يصنعها ، فقال :
إنما أصنعها للدواء ، فقال صلى الله عليه و سلم : " إنه ليس بدواء و لكنه
داء " . صحيح مسلم في الأشربة 2984
وفي صحيحي البخاري في كتاب الأشربة : و قال ابن مسعود في السكر : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم .
قال ابن حجر : و يؤيده ما أخرجه الطبراني من طريق قتادة قال : السكر خمور
الأعاجم ، وعلى هذا ينطبق قول ابن مسعود : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما
حرَّم عليكم ، وأحسبه هذا أراد لأنني أظن أن عند بعض المفسرين : سئل ابن
مسعود عن التداوي بشيء من المحرمات فأجاب بذلك .
وعن سفيان بن عيينة
عن منصور عن أبي وائل قال : اشتكى رجل منا يقال له خثيم ابن العداء داء
ببطنه ، فنعت له السكر ، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله فذكره . و روينا في
نسخة داود بن نصير الطائي بسنده عن مسروق قال : قال عبد الله بن مسعود :
لا تسقوا أولادكم الخمر فإنهم ولدوا على الفطرة ، و إن الله لم يجعل
شفاءكم فيما حرم عليكم . و لجواب ابن مسعود شاهد أخرجه أبو يعلى و صححه
ابن حبان من حديث أم سلمة قالت : اشتكت بنت لي فنبذت لها في كوز ، فدخل
النبي صلى الله عليه و سلم و هو يغلي _ من التخمر _ فقال : ما هذا ؟
فأخبرته ، فقال : " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " [ فتح الباري
باختصار : 10 / 79 ] .
نشرت مجلة اللانست البريطانية _ و هي من أشهر
المجلات الطبية في العالم _ مقالاً عام 1987 بعنوان ( الشوق إلى شرب الخمر
) استهل المؤلف مقاله بالقول : إذا كنت مشتاقاً إلى الكحول فإنك حقاً تموت
بسببه . و ذكر المؤلف أن 200 ألف شخص يموتون سنوياً في إنجلترا بسبب
الكحول . و قد نشرت الكليات الملكية للأطباء الداخليين و النفسيين و
الأطباء الممارسين تقارير أجمعت كلها على خطر الكحول ( الغَول ) ، و أن
الكحول لا يترك عضواً من أعضاء الجسم إلا أصابه ، و جاء في كتاب
Alcoholism ذكر الأمراض الناجمة عن شرب الخمر فذكر منها أمراض الفم و
البلعوم و المريء و المعدة و الأمعاء و مرض الكبد الكحولي و تشمُّعه و
أمراض المُعَثِكلَة ( البنكرياس ) . ثم قال : و تظهر تأثيرات الكحول
فورياً على الدماغ ، و بعض هذه التأثيرات عابر و الآخر غير قابل للتراجع ،
فإن تناول كأس واحدة أو اثنتين من أي نوع من أنواع الخمر قد يسبب تموُّتاً
في بعض خلايا الدماغ ، و إذا ما استمر شارب الخمر في تناول المسكرات فقد
يحدث له ما يسمى بتناذر ( فيرينكه ) و تناذر ( كورساكوف ) و يظهر المصاب
بالتناذر خائفاً هاذياً و تظهر في عينيه حركات متواترة ، و قد يحدث شلل في
عضلات العين و يفقد المريض القدرة على خزن المعلومات ، و متى أصيب شارب
الخمر بهذه الحالة فإن احتمال الشفاء أمر نادر ، كما يؤثر الكحول على عضلة
القلب و يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم و مرض الشرايين الإكليلية . و من الثابت
علمياً أن للكحول علاقة بسرطان الفم و المريء و البلعوم و الكبد ، فقد
أظهرت الدراسات العلمية أن الكحول مادة مسرطنة ، كما أن له فعلاً مشوهاً
للأجنة من أمهات يشربن الخمر [ انظر قبسات من الطب النبوي ] .
وكل ذلك يؤكد الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه و سلم في الخمر " إنه ليس بدواء و لكنه داء " .
كل مسكر خمر
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كل مُسَكِّر خَمر ، و كل مسكر حرام ، و من شرب الخمر في الدنيا
فمات و ه ويُدمنها ، لم يتب ، لم يشربها في الآخرة " صحيح مسلم في الأشربة
2003
هذا الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف
قرره العلماء المتخصصون في أنواع الخمور فقالوا : توجد مادة الغًول (
الكحول الإيتيلي ، أو الإيتانول) في كثير من المشروبات الغَولية التي
تستخلص بتخمير النشاء أو السكر أو غيرها من النشويات ، و هي و إن اختلفت
في أسمائها كالبيرة و الويسكي و الشمبانيا و الشيري و غيرها ، فإنها كلها
ذات أصل واحد .
وتختلف تأثيرات الغَول ( الكحول الإيتيلي ) السُّمّيّة
باختلاف مستوى الغَول في الدم ، فكلما أكثر شارب الخمر من تناوله للمسكر
ارتفع مستواه في الدم ، و حين يبلغ مستوى الغَول في الدم ( 20 _ 99 ميلي
غرام ) فإنه يسبب تغيرات في المزاج و الشعور و عدم التوازن في العضلات و
اضطراب في حس اللمس و تغييرات في الشخصية و السلوك . و إذا بلغ مستوى
الغَول ( 100 _ 199 ميلي غرام ) حدث اضطراب شديد في القوة العقلية و عدم
انسجام في الحركات و فقد شارب الخمر توازنه في الوقوف و المشي ، و متى بلغ
مستوى الغَول ( 200 _ 299 ميلي غرام ) ظهر الغثيان و الإعياء و ازدواج
النظر و اضطراب التوازن الشديد [ انظر قبسات من الطب النبوي ] .
وصدق
رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : " كل مسكر خمر " و في قوله أيضاً
: " كل مسكر حرام و ما أسكر منه الفَرقُ فملء الكف منه حرام " [ أخرجه أبو
داود و الترمذي كما في صحيح الجامع الصغير ] ، والفرق : مكيال كبير .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم